ما أوتي المرء شيئاً مثل أن يرزقه الله قوة الصبر على تحمل مصائب الدهر، أن يصبر على جراح التعب والأذى وشدة العناء فيخيطها بخيوط اليقين ويضمّدها بضماد أن الله لا يضيّع الصابرين، ذلك الذي لا يعوّل على أي كتف لأنه مُتكئ بكل حمله على الدعاء، ومن كان معكازه الدعاء لن تسقطه عواصف البلاء.

الله من يبعث الأُنس لنفسك، الله من ين��ّل السّكينة على قلبك، الله من يُلملم شتات روحك، الله من ينتشلك من بئر المصائب، الله من يُضيء لك عُتمة حياتك، الله من ينهضُ بروحك إذا سقطت وتجافت عنك الأرواح، الله خير معينٍ إذا لم يكن لك أي مُعين، فمتى ما استقمت لله؛ استقام كلّ شيءٍ في حياتك.

قد تنتابك المخاوف والهموم حول مستقبلك، ولكنها تتلاشى عندما تتمعّن في قوله تعالى "أليس الله بكافٍ عبده" فتعلم يقيناً أنّ الدنيا لله، وأنّ الرزق من الله، وأنّ مستقبلك بيد الله وحده، لا عليك إلا أن تحمل هماً واحداً وهو كيف تُرضي الله، فإنك إن أرضيت الله؛ رضي عنك وأرضاك وكف��ك وأغناك.

@majedgp وإياك وإياك يا حبيبنا ماجد .. الله يرضى عنك ويرضيك ويجعلنا عند حسن ظنّكم، ولا يريك بأساً ولا مكروهاً، ويجعل ما أصابك تكفيراً لسيئاتك ورفعة لدرجاتك وأن يعوضك خيراً في الدارين♥️.

"يُؤتِكُم خيرًا مما أُخِذَ منكُم" مُكابدتك الشديدة على ترك محبوب لا يحبّه الله، وتجلّدك في الابتعاد عنه وأنت تدرك قسوة الأمر على نفسك وطبعك، صدّقني؛ لن يتركك الله بعد ذلك لوحدك إذا رأى منك الصدق بل سيجازيك ويعوّضك ودائماً ما يأتي عوض الله متتابعاً يُنسيك الألم عند لحظة الترك.

أرأيت أيامك العسيرة هذه ؟ ستمرُّ ولن تلبث طويلاً، ستصبح مجرَّد ذكرى في صفحات حياتك، فدوام الحال من المُحال وما الحياة إلا كعجلة مستديرة في تقلّباتها وأنها متغيّرة بغمضة عين، ما عليك إلا أن تحرس قلبك بسور ال��قين فاليأس ذئبٌ جائعٌ لا يأكل إلا من القلوب القاصية عن اليقين بالله.

أحياناً قد لا تجد من يفهم ما في ثنايا قلبك ويستوعب همّك ولو أخبرت أعزّ أصحابك، وهنالك أشياء يعزّ عليك أن تفصح بها، وإن أفصحت بها زدت فوق همِّك همّاً آخر، ذلك لكي تُقبل على الله وحده بهذه التفاصيل المرهقة، وتناجيه في سجودك فتسكب كل ما فاض في قلبك من غير أن تصاب بالحرج والضعف.

يعيدك الله إليه؛ إما بضيق يعتري صدرك بعد الذنب، أو بآية تسمعها فتظنها تخاطبك لوحدك، أو بخبر وفاة يفجعك، أو بمرض تدرك فيه حجم ضعفك، أو بجفاء أقرب ال��اس إليك، ما أغناه عنك وما أشدّ فقرك وحاجتك إليه ومع هذا يعيدك ويفرح بعودتك، والله إننا نذوب من الحياء عندما نرى لطف الله ورحمته بنا.

متى ما استقمت لله؛ استقام كل شيء في حياتك، فالله من يبعث الأُنس لنفسك، الله من ينزّل السّكينة على قلبك، الله من يُلملم شتات روحك، الله من ينتشلك من بئر المصائب، الله من يُضيء لك عُتمة حياتك، الله من ينهضُ بروحك إذا سقطت وتجافت عنك الأرواح، الله خير معينٍ إذا لم يكن لك أيّ مُعين.

من لذائذ الدنيا؛ مُجالستك مع روحٍ تودّها وتألفها وتتّفق معها في كثير من الأمور، فلا تضطرّ عند الحديث إلى تر��تيب للأفكار وكثرة الاستثناءات والاستطرادات حتى لا يُساء بك الظنّ، بل إلى تباريحٍ يُلقيها الفؤاد كيفما جاءت وحلّت، روحٌ تثق في مروءتها بأنها لن تسقيك يوماً من بئر أحزانك.

ومن رحمة الله بك؛ أنه لا يصيبك بمرضٍ مؤلم أو فقدٍ موجعٍ أو ابتلاءٍ يضجّ بمضجعك فيجعلك تعود إليه مُضطراً، بل يجعلك تعود إليه بآيةٍ تسمعها فتهزّ قلبك، أو تغريدةٍ تقرؤها فتنبّهك من غفلتك، أو ذنبٍ يجعلك تعود إليه في كل�� مرّة، ولهذا ردِّد دائماً؛ اللهمّ ردَّني إليك رداً جميلاً.

"ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن" ردّدها في أيام العسر واليسر، فهي لبُّ الطمأنينة ومقرّ السكينة، وأن الراحة عندما تسلم أمرك لله؛ إن أتاك ما تحب شكرت الله على ما أنعم به عليك، وإن لم يأتك حمدت الله وأيقنت أنه سييسّر ما فيه خير لك، وهكذا في كل حالاتك تشعر بأنك تأوي إلى ركن شديد.

يأسرني جداً أن يكون قلب الفتى متعلّقاً بالله تعلّقاً حقيقيّاً في جميع أحواله؛ عند فرَحه وترحه وضيقه وفرَجه، عندما يواسي مكلوماً أو يصبِّر مكروباً أو يربت على قلبٍ مكسور، بين أفكاره النيّرة وأحاديثه العفوية العابرة، الذي إذا جالسك بدّد قلقك ونوّر دربك ولمّ أُنسك وعلّق قلبك بربّك.

كل ما في هذه الدنيا لا يساوي شيئاً أمام نعمة انشراح الصدر، ستدرك قيمتها عند أول انقباضٍ ينقضّ على جوانب صدرك، يُفسد عليك ساعتك ويجعلك تتنفّس الحياة من ثُقبٍ صغير، ولهذا كان أوّل تفضّل منَّ الله به على نبينا محمد ﷺ، فقال سبحانه: "ألم نشرح لك صدرك"، فيارب؛ اشرح لي صدري.

تمر علينا أيام نشعر بأننا تائهون، ضائعون جداً، ونعلم بأن مشكلتنا ليست معرفية فالدلائل واضحة، في مرحلة التيه نحتاج إلى الهداية، ولا طريق للهداية أخصر من ملازمة القرآن؛ حينما نرتمي على القرآن بأرواحنا المتعبة نشعر بأن الأمواج ستهدأ، وأن الخوف سيتبدّد، وأننا في بداية ��ريق الخير كله.

لا شيء يعذّب روحك كجاسوس اليأس الذي يتغلغل فيك فينمّ عن هزيمتك الداخلية لكل من حولك، الذي يعلق انكسارك على تقاسيم وجهك ليراه العابرون، الذي يسرق منك أجمل ألوان حياتك ويُعطيك الأبيض والأسود، وقلبٌ علّق يقينه بالله وعرف سنن الحياة لا يمكن أن يكون لقمة سائغة لذلك الجاسوس.

النّعم ليست مقتصرة على العطايا المادية فقط؛ القرارات الصحيحة نعمة، الإقبال على الذات نعمة، الاكتفاء الرّوحي نعمة، الهداية للكمالات نعمة، القبول عند الناس نعمة، الصديق المُناسب نعمة، استشعار النّعم الصغيرة نعمة، وكلها سارية على قانون الزوال والتغيّر عندما يُساء التعامل معها.

هناك أحزان تأتيك في بواكير شبابك تجعلك تكبر عشرات الأعوام، دمعها يجعلك تبصر معادن من حولك، آلامها تغير فيك الكثير ولكنها لا تزيدك إلا ثباتاً بخطواتك وتعمقاً بذاتك التي اهملتها طويلاً، وتقربك لربك، وتجعلك أرقّهم فؤاداً وأحلمهم طبعاً وأحكمهم رأياً، فشكراً لحزنٍ آلمني ولكنه علّمني.

"قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسيّاً" تمنّت مريم الموت من شدّة الكرب وعظم البلاء الذي عصف بها، ولم تعلم بأن في بطنها نبيّ ورحمة للناس، فأشد الكروبات يكون في طيّاتها أعظم الرحمات، قد يُحيط بك اليأس ولكن تجشّم الصبر واثقاً بأن "من يتّقِ ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين"