كنت أظن، كما غيري، أن القائد الضيف قد تمكّن من الهرب من سجون السلطة بعد قصفها من الاحتلال بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، على طريقة القائد الكبير أبو هنُّود، ولكن الحقيقة والرواية المتواترة والمؤكدة، أن الضيف، بهدوئه وسمته وعبقريته وزهده الشديد قد تمكّن من تجنيد سجانه وإقناعه بتهريبه وكسر قيود زنزانته، وللتاريخ، هذا السجّان وُضع على رأس الضيف لوطنيته الشديدة، وخوفاً عليه من التسميم أو القتل أو الاغتيال الذي كان يتربص به الاحتلال على الدوام، فقد كانت السلطة تعلم جيدا ماذا سيكون رد فعل الشارع الغزّي في حال قُتل الضيف في سجنه، وشاء الله، أن يستقيل هذا السجان من السلطة ويصبح قائدا كبيرا في القسام، ويُستشهد مقبلا غير مدبر، أثناء تصديه لأحد الاجتياحات الإسرائيلية لمعسكر خانيونس، ليعلم الناس بعدها من هو أيقونة المعسكر وأسد التصدي للاجتياحات، الشهيد البطل يحيى أبو بكرة، وللأمانة التاريخية، فإن عائلة يحيى وأبناء عمومته هم أرقام صعبة في تاريخ المقاومة الفلسطينية في غزة، فابن عمه خالد، هو أحد أفراد وحدة الظل السبعة الذين استأمنهم الضيف على جلعاد شاليط لخمس سنوات متواصلة، واستشهد مقبلا غير مدبر في أحد أنفاق المقاومة، وأخوه هاني أبو بكرة، استوقفه الاحتلال لاعتقاله بداية الانتفاضة الثانية فرفض فكرة الاعتقال واشتبك مع الدورية الصهيونية وقتل جنديا إسرائيليا وأصاب آخرين قبل أن يرتقي شهيدا، وابن عمهم عبدو أبو بكرة، كان من الأسماء الأولى للمقاومين الذين تمكنوا من تفكيك عقدة الميركافاة، فخر الصناعة الصهيونية، وتفجيرها وإيداعها في متحف الفقراء، في قلب معسكر خانيونس وأمام مجمع المدارس، لنراها غدوًّا ورواحا، رضي الله عن الضيف وعن آل أبي بكرة وعن خانيونس ورجالها، ورجال غزة وكل فلسطين، وأحسن الله عزاءنا في الصادقين، الصادقين الصادقين…!