من المؤسف أن تتوفر للأردن عوامل مهمة مثل: التشابك الحدودي، الارتباط الديموغرافي واتفاقية سلام وتنسيق أمني وألا تترجم في إطار "القوة السياسية" ولعب دور حقيقي في إحداث تغيير على الأرض. إنهاء حقبة زيف للشعارات وفتح باب المراجعات بات أمراً حتمياً لا مفر منه.
بالنسبة لكثير من الانظمة، يقدم فايروس كورونا اليوم الذريعة الانسب لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية والمجتمعية؛ والاخطر أنه يقدم الغطاء الانساني لكافة الاجراءات غير الانسانية، ويشرعن الظلم عبر لبس قناع الخوف على حياة الانسان.
المقلق بالوضع الحالي أن هذه الحكومة جاءت لمواجهة ملف واحد فقط "الملف الصحي،كورونا وتبعاتها" والنتيجة: زاد انتشار الوباء وتهاوت الخدمات الصحية وشحت اللقاحات..
الدخول الى المئوية يستدعي خلق مناخات إيجابية وتطمينية وتطبيق سياسة الاحتواء لا الاقصاء بعيدا عن شحن المجتمع وتقسيمه أو خلق شروخ كبيرة وولاءات متعددة..هناك حروب لا رابح فيها والخسارة تطال الجميع.
عدم أخذ الانسان فرصته لاكتشاف ذاته وحرمانه من موروثه الحضاري وقطع سياقات تشكل هويته التاريخية
يُساهم في تعزيز حالة سلبية التفاعل مع الحاضر وتغذية مشاعر التوجس من المستقبل وتعميق رغبة البحث في تفاصيل الماضي.٠
كلما انحدر مستوى الوعي والثقافة تحول القانون لأداة للسلطة والتسلط. فالشخص المؤتمن على تطبيق القانون هو من اكتملت إنسانيته وأدرك الغاية والمعنى والهدف الحقيقي من سيادة وتطبيق القانون.
التشوه الذي تم احداثه في صورة مجلس النواب عبر سلوكيات وسياسات ممنهجة يجب الا يدفع البعض للمساهمة في انهاء الحياة البرلمانية والغاء الضوابط التشريعية الرقابية؛النموذج المشوه لا يمكن أن يلغي أهمية الجوهر.يجب ان يتركز الهدف على انهاء سياسات التشويه لا ضرب أساسات العملية الديمقراطية
الافلاس الحاصل هو نتاج طبيعي لعملية تقزيم المنصب السياسي.. اما مبدأ شراء الولاء وتغييب العقل واقصاء الكفاءة فهو المسؤول الرئيس عن حالة العقم السياسي المسيطرة على المشهد.
قد يكون من المفيد جداً أن يقوم عقل الدولة السياسي بمراجعة المشهد العام في السنتين الأخيرتين حيث تحضر ذهنية التأزيم بشكل قوي في كافة التفاصيل، التأسيس لحالة من عدم الاستقرار من ملف نقابة المعلمين الى اليوم، وكأن الهدف تحويل المشكلة الى معضلة والحل الى عقدة.
في حال صحة روايتي "عجلون" و "فارمسي 1" فهذا تأكيد على فكرة عدم وجود اجراءات وضوابط لمن يثبت حمله للفايروس. مما يعني ان المقصر الحقيقي هو المسؤول عن التعامل مع الملف برمته؛ لهذا فان توجيه تهم "عدم الإلتزام" للمواطنين الملتزمين او التهويل والتهديد بفرض اجراءات أكثر صرامة..
العجز السياسي عن إدارة المشهد لا يجب أن يدفع بالأمني لمواجهة الأزمة..فالفشل السياسي لا يصلحه الخيار الأمني.. والمشاكل يزداد حجمها ليس فقط لعدم وجود قدرة على حلها بل لعدم وجود رغبة في رؤيتها على حقيقتها.
حجم التوظيف السياسي لفايروس كورونا يُقاس وفقاً لشعور الحكومات بالاستقرار من عدمه؛ فكلما استشعرت حكومة خطر سقوطها طبقت نظرية:"الترهيب عامل من عوامل البقاء، وكلما ارتفع شعور المواطن بعدم الامان زادت الحكومات استقراراً وثباتاً."
هناك دقائق يستطيع اعلام الدولة من خلالها تحقيق ما عجز عن تحقيقه لسنوات طويلة، ويبقى السؤال: ما فائدة الميزانيات والاموال ان لم يستطع الاعلام الرسمي قيادة المشهد في اللحظات الحساسة؟
تبدأ معضلة الحكومات عندما يستشعر الناس عدم جدوى وجود التشريعات والسلطة وتتعمق الأزمة مع شعور العموم بأن القوانين تستهدف شؤونهم واحتياجاتهم وتفاصيل حياتهم.
من معالم انحسار الشرعية السياسية للانظمة: سيادة العزوف الشعبي عن العمل السياسي وارتفاع منسوب سلبية التفاعل مع الاحداث المجتمعية وتعاظم حالة السخرية في التعامل مع السياسات العامة.
في لغة الوهم والايهام هناك كلمات مفتاحية لتغطية الفشل والالتفاف على الحقيقة: "نفى،ضبط، اتخذ،اوعز".
الانجاز لا يحتاج لعمليات تسويق اعلامي اما الفشل الموثق بالصور فيتحدث عن نفسه وتعطي محاولات اخفاءه نتائج عكسية ك"نفي التأكيد" و"تأكيد النفي"
السر في المحاسبة العلنية للمخطئ والمسؤول
الأنظمة التي حاربت فكرة المعارضة الوطنية وعملت على شيطنتها انتهت بمواجهة حالات من التفتيت السياسي والتشرذم المجتمعي والغضب العارم الذي يصعب السيطرة عليه او حتى التعامل معه. لابد من الإيمان ان الاختلاف والمعارضة تحت مظلة الدولة هو عامل أمان واستقرار للجميع.
في البعد الاخلاقي للامور، الشيخوخة المبكرة وحالات العجز التي يستخدمها اصحابها للحصول على راوتب تقاعدية تعني ضمنا عدم ممارسة اي عمل. الخطر الحقيقي لا يقتصر على الخلل في الجانب الاخلاقي بل على الفساد الاداري الذي يمارسه المؤتمنون على الدولة بقبول هذه الممارسات ومباركتها.
من الظلم أن تبقى الفئة الملتزمة تدفع ثمن عبثية البعض وضعف الاجراءات وأخطاء بعض المسؤولين، من حق كل من ضحى بحقوقه الطبيعية أن يرى نتائج تضحياته والا ساد شعور الخذلان والاحباط وتجذرت القناعة بعبثية التضحية.
الإنحدار العام في السياسات العامة نتاج طبيعي لغياب الشفافية في التعيينات وتعطل آليات المتابعة والمحاسبة وانتهاء حقبة التدخل الحاسم لضبط الخلل ورداءة الأداء، وهو ما لا يتم دون تطبيق مبدأ العقوبة الفورية...باختصار في العمل العام، الشعارات لا تصنع انجازات والخطأ لا يُصحح دون عقوبات.
من الخطأ الا تلتفت الحكومات للوضع المجتمعي من كافة زواياه، فالحالة النفسية للمجتمع لا تقل اهمية عن الحالة الاقتصادية والوبائية؛ الخطر ان يصل الناس الى شعور الخسارة الكاملة لحياتهم، عندها تسقط أي قيمة للقوانين والإجراءات.
من أكبر أخطاء الانظمة السياسية في التعامل مع التحولات المجتمعية الاستثنائية: الصمت في وقت الكلام والسكون في وقت الحركة والغياب في ظل الحاجة الماسة للظهور.
أعراض الانسلاخ عن الواقع قد تظهر في صيغ متعددة؛ عبارات مُبسطة، تصريحات مُكررة، وعود قادمة، لكن أخطر هذه الحالات هو إيمان المُفلس بجدوى وفاعلية ما يقوله ويردده.
المناخ الشعبي في العالم بات معادٍ للحكومات والطبقة المتحكمة بحياة الناس وتفاصيلها، لهذا من المتوقع ان تتسع دائرة الغضب وتتضخم حالة عدم الاستقرار،خصوصاً، في الدول العاجزة عن تقديم وصفات علاجية حقيقية لمشاكل شعوبها لا بل تُصر على الحفاظ على الطبقة الرديئة من السياسيين والمسؤولين.
من الخطأ أن يأخذ الانسان من نفسه ورؤيته الخاصة معياراً لتقييم الناس وأداة للحكم على أفكارهم وسلوكياتهم الاختلاف يمثل دعوة لاكتشاف الاخر لا الغاءه،وفرصة للاطلاع على جانب قد نغفله وليس محركا للعداء والضغينة.تتناسب القدرة على قبول الاخر مع ارتقاء المستوى الثقافي والحضاري للانسان
يكمن خطر المسؤول المهزوز و الجبان في حجم الاثر السلبي الذي يحدثه في المجتمع و في صورة الدولة وشكل ادارتها وقد لا يقل هذا عن الاثر الذي يحدثه المسؤول الفاسد او صاحب الاجندات المشبوهة.
الدولة التي لا تستطيع حماية ابناءها من اهواء ونزوات المسؤولين العابرين تساهم في تجذير الشللية والفردية وسيادة حالة من السلبية وانعدام الثقة يصعب مواجهتها او الخروج منها مستقبلاً.
تصريح وزير الخارجية الاردن:"سلطات الاحتلال الإسرائيلية تتحمل مسؤولية التصعيد"؛يؤكد للأسف فقدان التأثير الدبلوماسي بالرغم من تعدد الأوراق،أهمها عملية السلام والتنسيق الأمني.
الارتباط الواقعي والتماس المباشر مع القضية الفلسطينية يجب أن يجعل الأردن محطة رئيسية للإتصال والتنسيق.
مسؤولية انهيار و تصدع البنية التحتية لا تسقط عبر حجج واهية..تغيير مسار الرحلة خطأ يستوجب المحاسبة ، لكن الاولى الان محاسبة التقصير في وضع و حالة البنية التحتية و تصدعها..المحاسبة الاخلاقية و السياسية اساس لتقويم الامور و الا اصبحت هذه الحوادث قدرا على الاردنيين في كل مكان.
إستطلاعات الرأي وتقييم اداء الحكومات يقتصر فقط على الحكومات المُنتخبة التي هي فعلياً خيار المواطن الذي يحق له تقييمها لاحقاً..أما سؤال المواطن عن الحكومات المُعينة التي لا يعلم هو نفسه أسباب اختيار شخوصها أو سياساتها هو اصرار على التعامل مع المواطن ك"كومبارس" في مشهد التغيير.
كما لا تقبل الطبيعة الفراغ، لا يمكن لتفريغ المجتمعات وتجويفها حضاريا وثقافياً أن يستمر دون ظهور محاولات لملء هذا الفراغ والتي ستتزايد حتماً مع تواضع الأداء الرسمي واتساع الهوة المجتمعية وإفتقار رواية الدولة لأي عمق في الطرح أو رغبة حقيقية بالتجديد.
الإستثمار الثقافي في الإنسان هو الأساس في أي تغيير مجتمعي نهضوي حقيقي إن كان: "ابداع فني، انتاج اقتصادي، تطور فكري وحتى تميز سياسي" أما سياسة التسكين وملء الفراغات فلن تنتج إلا التشوهات المستمرة على كافة الصعد وفي شتى المجالات.
من الامثال المهمة التي تساعد على تبني تفكير اكثر منطقية، وتساعد على تحديد سقوف التوقعات واغلاق باب الامل الواهم:
"اذا كانت المطرقة هي كل ما بيدك، فسترى كل الأشياء مسامير "
if all you have is a hammer, everything looks like a nail.
الوعي مسألة نسبية تتفاوت بين الافراد والجماعات،لهذا فالتعميم في مسألة الوعي وغيابه هو تسطيح للمشكلة وهروب من المسؤولية.من حق المواطن الذي فرض عليه قانون الدفاع ونمط الحياة الجديد محاسبة كل من اساء استخدام السلطة الممنوحة له سواء كانت على شكل تخبط أو تقصير او استغلال وتوظيف للازمة
في الوقت الذي تحتاج المجتمعات لثورات ثقافية تساعدها على انجاز القفزات الحضارية المطلوبة لمواكبة التطورات البشرية،تعمل الحكومات الوظيفية في إطار تجهيلي تعزز من خلاله السطحية وتجرف الوعي وتضع الحاجات الغرائزية(أكل،شرب،نام)أساساً للسياسات الحكومية ليصبح ضمانها الطموح الاكبر للانسان
الخطاب الموحد الموجه للعامة بشفافية ووضوح هو أساس لرأب أي صدع داخلي. أما سياسة الحوارات الفرعية والكواليس الجانبية وتجنيد الافراد لخدمة أهواء ورغبات بعض الفئات فلا تزيد الإنقسامات الا إنقساماً وتجعل دائرة الخلافات أكثر اتساعاً.
يتغاضى الناس عن الصلاحيات الممنوحة للهيئات الحاكمة طالما بقيت تعيش برغد وكرامة ورفعة واحترام، لكنها تبدا بالسؤال عن أصغر الصلاحيات بمجرد شعورها بالضيق الاقتصادي وتهاوي المستوى المعيشي وانتهاك الكرامة الانسانية والحريات الشخصية.
حتى أكثر الأزمات عمقاً تحمل في تفاصيلها فرصاً؛ أختلف جذرياً مع سياسة التخويف من القادم التي تهدف في جوهرها لدفع الناس لقبول التنازلات في الواقع. هنا لابد أن نتذكر جميعاً أن التخويف من سوداوية القادم لن يغير الواقع بل يزيده سواداً.
يُقدم اضراب المعلمين اليوم نموذجاً مهماً يستحق التوقف عنده ملياً، خصوصاً ان جوهره لم يعد حراكاً مطلبياً مقتصراً على فئة مجتمعية واحدة، بل اصبح مظلة يجد فيها كل الباحثين عن اردنيتهم الضائعة ضالتهم.
التعليم والصحة حق للانسان وواجب على الدولة. أما تحويل المواطن لسلعة استثمارية لصالح فئات قليلة متنفعة هو اقرار بفشل المنظومة الحكومية، لهذا كيف يمكن لانسان أن يقتنع اليوم بأن حكومته تخشى عليه من فيروس قاتل وقد حولته لمادة تجارية يتم استنزافها لصالح فئات انتهازية متغولة.
هدف اي اقالة حكومية هو اصلاح الخطأ وتقويم التقصير في العمل والخلل في أداء الواجب.لهذا فان فتح باب المحاسبات يستدعي إقالات أوسع بسبب التقصير المهني في عدة ملفات:"الصحة،اللقاحات،النقل،الامن الغذائي الخ"والا فقدت الخطوة قيمتها وبقيت تدور في دائرة الشعبويات المفرغة من أي فائدة حقيقية
الاجراءات الاحترازية ليست مدعاة للخوف والهلع على العكس تماما، هي دعوة لكل اردني ان يخوض معركة الحفاظ على الاردن بوعي ومسؤولية..ولنتذكر ان المصالح الفردية تسقط امام المصلحة الجمعية..الامتحان واحد للجميع والجواب ايضاً واحد "الاردن" حمى الله الاردن والاردنيين..
لابد لمعادلة التغيير الحقيقي أن توازن بين حجم الخطوات المطلوبة والتوقيت الأفضل للتطبيق؛ فما يتطلع له الناس اليوم قد لا يعنيهم غداً وتوقعاتهم قد تتجاوز السقوف التي طالما حددتها.
سلبية الأداء السياسي وعدم القدرة على إحداث أي تغيير أصبحت السمة الابرز للمشهد العام،وهي في جوهرها أساس تفاقم المشكلات المجتمعية؛فمنطق ادارة الدولة مبني على قاعدة"أسباب المشكلة هي نفسها أدوات الحل"للأسف مع كل المشاكل التي هزت المجتمع لم نشهد أي تغيير يُذكر لا في الشكل ولا المضمون
من معالم انحسار شرعية الانظمة أن تأخذ الحياة السياسية شكل الدائرة: مفرغة من المضمون ونقطة ارتكازها الافراد لا المشاريع الوطنية، فتنتهي بحالة من الدوران في حلقات مفرغة غير منتجة تتسم بانتهازية البحث عن المكاسب واجترار الشعارات واقتصار التمثيل السياسي على عدد محدود من الناس.
دون إنجاح برنامج اللقاح لاحتواء فايروس كورونا ستعود الامور دائما الى المربع الاول لكن مع كثير من المشاكل الاقتصادية والنفسية والصحية والتي قد يصعب التعامل معها مستقبلاً حتى بوجود اللقاح. المبالغة في الاجراءات القمعية تؤسس لانفجارات مجتمعية.
إشارات الدمار المتكررة بدأت تاخذ شكل كرة الثلج المتدحرجة؛ يكبر حجمها وتزيد من سرعتها..لكن يبقى الخل الحقيقي في طبيعة الإنكار السائدة وسلبية الإدارة التي أصبحت للأسف السمة الطاغية على المشهد العام...الخلل لم يكن يوماً في القشور بل في جوهر الأمور.
حكومة وطنية مصغرة من بيروقراطيين متمرسين وخبراء وعسكريين قد تغني عن عشرات اللجان ومجالس الاستشارات التي ستُشكل بحجة ايجاد حلول للازمات. الازمة واضحة وعنوان الحل فيها أوضح؛ العودة الى المؤسسات وتثبيت منهجية العمل المؤسسي.
اسوء التركيبات السياسية هي التي يعتقد فيها المسؤول ان مصدر شرعيته الحقيقة يأتي من دوائر خارجة عن دائرة الشعب؛ عندها تظهر سلوكيات التعالي و الاستعلاء على الناس الذين يصنفهم المسؤول ب"الرعاع" و "الغوغاء".
الحفاظ على هيبة الدولة واحترام الاجراءات تستدعي استخدام السلطة بذكاء ووعي واتزان؛ المبالغات في التشدد وربطها بالعقوبات المالية غالباً ما يجلب نتائج عكسية. الحكمة في استخدام القوانين ضمان لاستقرار المجتمعات ومصالح المواطنين.
في حالة الموت السريري قد تُشكل الصدمة الكهربائية عاملاً حاسماً للانقاذ، كذلك هو الحال مع الانظمة السياسية المنهكة وغير المنتجة التي تحتاج بلا شك لهزة استثنائية وحدث نوعي يخرجها من حالة سباتها ويكسر طوق سكونها.
تقييف القوانين وفقاً لقياسات بعض المتنفذين وتوظيف الادوات الرسمية خدمة لاهوائهم يؤدي الى تصدع مفهوم الدولة وتساقط هيبة القانون والتباس الغاية الحقيقية من تطبيق العدل في ذهنية العموم.
في 2019 ومع القفزات الهائلة في التطور البشري والفكري يصبح من الصعب اخفاء الوجه الحقيقي لبعض نماذج ادارة الازمات، فتظهر عُرفية الاصل وضحلة الفكر ومضحكة في الاداء.
الإنسان يُحاكم الواقع الذي يعيش لا الوهم الذي يتم تسويقه..لهذا لا جدوى أو معنى لأي سياسة تعجز عن ضمان العيش الكريم وتوفير الخدمات الحقيقية للمواطن..حتى الشعارات السياسية تفقد قيمتها أمام غياب الحاجات الأساسية.
تتجلى ظواهر الاستغلال السياسي للازمات في احداث تغيير ممنهج على أولويات الناس؛ عبر اعادتهم الى مربع الاحتياجات الاول وتركيز اهتماماتهم على محاولات تأمين سبل حياتهم لتصبح مسألة استعادة أبسط حقوقهم هي قمة رغباتهم وأقصى طموحاتهم.
الأنظمة الذكية هي التي تملك مجسات حقيقية تستشعر من خلالها طبيعة وشكل التغيرات المجتمعية، فتستبق حاجات شعوبها وتتبنى مطالبهم، وبهذا تُبقي الجميع تحت مظلتها وتحافظ على وحدوية مرجعيتها.
غالباً ما يقود الإفلاس السياسي أصحابه الى إختلاق معارك وهمية ذات طابع "دونكيشوتي" يحاولون من خلالها تسجيل نقاط إستعراضية في الوقت الضائع، وهذا ما يحدث عادة بعد التيقن من مغادرة المشهد.
في اللحظة التي تتعدد فيها أوجه الأزمات المجتمعية من عُقم الفكر والخطاب الى قُصر الرؤية وغياب الفاعلية وعدم الانتاجية،لابد من الاقرار بأن غياب المشروع الوطني بصورته الشاملة هو النقطة المركزية في أصل الأزمة السياسية والتحايل على ذلك يعني الغرق في تفاصيل ثانوية والركض في دوائر مفرغة
من الصعب التعاطف مع اي عتب لرئيس لجنة صندوق "همة وطن" في ظل غياب اي برنامج معلن من قبل اللجنة لاوجه صرف الاموال واولوياتها. بمجرد تشكيل اللجنة كان يجب التقاط اللحظة التاريخية وعرض برنامج عمل كامل يتضمن خطة الانقاذ السريع.
الخطوة الناجحة و المجدية غالبا ما تقاس بتوقيت القيام بها، حاجة الانسان لبعض الاشياء تتبدد مع مرور الوقت و تفقد قيمتها و تصبح بلا اي تأثير، لهذا في بعض الاحيان قد لا يفيد تقديم القربان بعد فوات الاوان.