عمتم مساءً يا أحفادي
من قبَّة الخلود، أحيِّيكم أنا (جندح بن حُجر بن الحارث الكندي) الملقب بامرئ القيس، وإلى جانبي
@a3sha
و
@AlNabighaa
و
@TarfaIbnAlabd
و
@AntarIbnShadad
.
نطلّ عليكم إطلالة جديدة ملؤها الشوق إليكم والبوح بالقوافي الملاح.
هل سمعتم فيما سمعتم بشعرٍ أكثر رِقَّةً من قولي :
أ(فاطمُ) مهلًا.. بعض هذا التدلُّلِ
وإن كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجمِلي
أغَـــرَّكِ مِــنِّـي أنَّ حُــبَّــكِ قَـــاتِــلِــي
وأنَّـكِ مَـهْـمَـا تَـأْمُـرِي الـقَـلْبَ يَفْعَـلِ؟
اسمي (حندج) ولقبي (امرؤ القيس)، وأنا مَلِكٌ ابنُ ملك، ولكنني سعيدٌ جدًّا لأنَّ التاريخ أهملني مَلِكًا، وكرَّسَني أبًا للشعراء العرب، وهذا هو المُلكُ الذي لا يزول.
قفوا معي على أطلالكم وابكوا يا ركبانَ قافيتي؛ ابكوا على أطلال الإنسانية التي باتت رسومًا بالية.
عمتم سلاما أيُّها الأحفاد الجميلون..
أنا جدُّكم الأكبر امرؤ القيس؛ رغبةً منِّي في الاستماع إلى أصواتكم وهي تصدح بأشعاري، أضع بين أيديكم مسابقتي في إلقاء الشعر عبر هذا الإعلان المرفق.
أستقبل إجاباتكم كـرَدٍّ على هذه التغريدة بالتحديد، مع هذا الوسم:
#جائزة_امرئ_القيس_للإلقاء
ربَّما يتفاجأ البعض منكم إذا علم أنَّ أمي (فاطمة بنت ربيعة) هي أخت (كليب) و(الزير سالم) المعروف بالمهلهل الذي أفنى عمره طالبا بثأر أخيه في حرب البسوس.
أما والدي فهو الملك (حجر بن الحارث بن عمرو الكندي) الذي ضيّعني صغيرا وحمّلني دمه كبيرا.
حسبي من الفضل على بقية شعراء عصري أنني كنت الأَجوَدَ في كلّ ما طرقته من الأعراض وما ابتدعته من المعاني. فأين الشعراء من قولي في زوجتي :
خليليَّ مُرَّا بي على (أمِّ جُندبِ)
نُقَضِّ لُباناتِ الفُؤاد المُعذَّبِ
ألمْ تَرَيَاني كلما جئتُ طارقاً
وجدتُ بها طيبًا وإن لم تَطَيَّبِ ؟
قد تخالف طبيعةُ الأشخاص أسماءهم؛ مثلا. .(القيس) في اللغة كلمة تعني الشدة والبأس، و(امرؤ القيس) رجل البأس والشدة، بينما أنا القائل في أرقّ ما قاله الإنسان:
أغرَّكِ مني أنَّ حبّكِ قاتلي
وأنّكِ مهما تأمري القلب يفعلِ ؟!
وأنّك قسَّمتِ الفؤاد فنصفُهُ
قتيلٌ، ونصفٌ في حديدٍ مُكَبِّلِ
لا تنشغلوا بالسؤال عمَّا إذا متُّ بالحُلَّة أو بالجدريّ، هذا لن يعيدني إلى الحياة، ولكن استمتعوا بما قلتُهُ في احتضاري وأنا أنظر إلى قبر تلك الأميرة على سفح جبل (عسيب):
أجارتَنا إنَّ المزار قريبُ
وإنِّي مقيمٌ ما أقام عسيبُ
أجارتَنا إنَّا غريبان ها هنا
وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ
أخبروني يا أحفادي.. هل جاء من بعدي شاعرٌ يتغزل بمثل هذا الجمال؟!
تَعَلَّقَ قَلبي طَفلَةً عَرَبِيَّةً
تَنَعّمُ في الديباج والحليِ والحُلَلْ
لها مُقلَةٌ لو أَنَّها نَظَرَتْ بها
إِلى راهبٍ قد صامَ لله وابتَهَلْ
لأصبح مفتوناً مُعَنَّى بِحُبِّها
كأَنْ لم يَصُمْ لله يوماً ولم يُصَلْ
وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدولَهُ
عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
ألا أيُّها الليلُ الطويل ألا انجلِ
بصبحٍ وماالإصباحُ منك بأمثلِ
لو تغيَّرتْ حالي، لعرفتُ الفرق بين الليل والنهار. أتمنى أن لا ترِثوا ليلي الطويل.
لقد بلغ بي حبُّ فاطمة درجة الهيام والاستكانة، حتى رضيتُ تدلُّلها المفرط:
أفاطمُ مهلًا.. بعضَ هذا التدلّلِ
وإنْ كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجملي
فما هو مبلغ الحب منكم يا أبناء العم؟
@AlNabighaa
@TarfaIbnAlabd
@AntarIbnShadad
@a3sha
في دارة جلجل:
أمّا ابنة العم (عنيزة) فإنني حملتُها في(معلقتي) الخالدة اسمًا يسافر في حنجرة الأجيال، مقابل حملها لي على بعيرها واستراق بعض القبلات من شفتيها
تقول وقد مال الغبيطُ بنا معًا
عقرتَ بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
فقلتُ لها سيري وأرخي زمامهُ
ولا تُبعديني من جناك المعلّلِ
في دارة جلجل :
أعترف أنني اختلستُ ملابس الصبايا وهنّ في الغدير، وكوَّمتُها وجلستُ عليها، واشترطتُ على كلّ صبيّة تريد لباسَها أن تمشي أمامي مقبلةً مدبرة.
لقد سَحَرنَني بذلك الحُسن الفاتك، ولم أجد رُقيَةً ولا تعويذةً لاستخراج ذلك السحر منِّي سوى ذلك الاستعراض الفاتن.
اسمي (حندج) وأحد ألقابي (هو امرؤ القيس)، وأنا مَلِكٌ ابنُ مَلِكٍ، ولكنني سعيدٌ جدا لأنَّ التاريخ لم يهتمَّ بهذا الجانب من حياتي، وإنما تناولني بوصفي أبًا للشعراء العرب، وهذا هو المُلْكُ الذي لا يزول.
اعترافٌ متأخر:
حين بلغني خبر مقتل أبي، شعرتُ بألمٍ شديدٍ في رأسي، فشربتُ سبعاً. ولما صحوتُ، أقسمتُ ألا آكل لحما، ولا أشرب خمرا، ولا أدهن بدهن، ولا أصيب امرأة حتى أدرك بثأري.
ولو سألتموني:
أيّ هذه الأمور التي حرَّمتَها كان الأقسى؟
أصارحكم بأنه (أنْ لا أصيب امرأة)!
هل أوضحتُ؟
أمَّا أعظم بيتِ شعرٍ قُلتُهُ وساح في الأزمان والأذهان إلى درجة أنَّ (الشطر الثاني) منه أصبح مضربَ مثلٍ بين الناس دون أن يعرفوا قائله.. فهو هذا البيت الذي يعبِّر عن الخيبة التي أحدقتْ بي من كل الجهات مثل ذئبةٍ مسعورة:
وقد طَوَّفتُ في الآفاقِ حتى
(رضيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ)
لا يخفى عليكم أنني أوَّل من أسَّس فنَّ الوقوف والبكاء على الأطلال في القصائد. ولكن بعد ثلاثمائة عام، خرج من رحم المدنيَّة شاعرٌ اسمه أبو نواس، وسخر من فنِّي في قصائده فقال:
قُلْ لمنْ (يبكي) على (رَسْمٍ) دَرَسْ
(واقفًا)، ما ضَرَّ لو كان جَلَسْ!
تبًّا له... يا لهُ من شاعرٍ ساخر!
واصلٌ حبلي بحبلكِ..
إني بحبلكِ واصلٌ حبلي
وبريشِ نبلكِ رائشٌ نبلي
ما لم أجدكِ على هُدى أثرٍ
يقرو مقصَّكِ قائفٌ قبلي
وشمائلي ما قد علمتِ وما
نبحتْ كلابُكِ طارقا مثلي
(اليوم خمر وغدا أمر)
بالنسبة لكم، هذه مجرد عبارة تنضح بالأدب، ولكنها بالنسبة لي عبارةٌ تنضح بالدم والأشلاء. هي نقطة التحول في حياتي من ضفة السلام إلى ضفة الحرب. هذه العبارة هي الحدّ الفاصل بين نقيضين في حياتي، وهي اللحظة السحرية التي تحوّلت فيها الوردة الجميلة إلى سيفٍ قاتل.
ما أعظم رعاية العهد بين الزوج وزوجته وبين الحبيب وحبيبته :
ألا ليت شعري كيف حادثُ وصلها ؟
وكيف تُراعي وصلةَ المُتَغَيِّبِ ؟
أقامتْ على ما بيننا من مَوَدَّةٍ
(أميمةُ) ؟ أم صارتْ لقولِ المُخَبِّبِ؟
في قُبَّة الخلود، قرأ لنا النابغة مطلع معلقته:
يا دار ميّةَ بالعلياء فالسّندِ
أقوت وطال عليها سالفُ الأبدِ
فضحك أبو نواس، وأخبرنا أنه عارضها ساخرا:
عاج الشقيُّ على دارٍ يسائلُها
وعُجتُ أسأل عن خمارة البلدِ
يبكي على طلل الماضين من أسدٍ..
ٍلا دَرّ درّكَ قلْ لي من بَنو أسَـدِ؟
هذه أبياتٌ قلتُها في بدايتي مع الشعر، وحالفها البقاءُ فلم تخلقْ رغم مرور العصور عليها:
أذودُ القوافيَ عنِّي ذيادا
ذيادَ غلامٍ جريءٍ جوادا
فلمَّا كثرنَ وعَنَّينَهُ
تخيَّر منهنَّ ستًّا جيادا
فأعزلُ مرجانَها جانبًا
وآخُذُ من درِّها المستجادا
إنّ سبب نظمي للمعلقة ليس عشقي لـ(عنيزة) ولا حبِّي للتشبيب بالنساء، ولا حادثة (دارة جلجل)، ولا ولعي بركوب الخيل ووصف الصيد والطبيعة، ولا البكاء على الديار، ولا استئناسي بالوحش...
إنَّ سبب نظمي للمعلقة هو جميع تلك الأسباب التي فجَّرتْ داخلي شغفي بالشعر في أفاويق الصبا والشباب.
لا أصطاد بالختل. .
حيّ الحُمول بجانب العزلِ
إذْ لا يلائم شكلها شكلي
ماذا يشقّ عليك من ظُعُنٍ
إلا صباك وقلّة العقلِ
منَّيتنا بغدٍ وبعد غدٍ
حتى بخلت كأسوأ البخلِ
يا ربّ غانيةٍ لهوتُ بها
ومشيت متّئدًا على رسلي
لا أستقيد لمنْ دعا لصبا
قسرًا ولا أُصطاد بالختلِ
لقد كنت أخشى أن ينقرض نسل (الخنساء) الشعري، ولكنْ وردتْ عليَّ في قبَّة الخلود شاعراتٌ ملأنَ دنياكم نشيدا وغادرنها إليَّ مثل ليلى الأخيلية وولادة بنت المستكفي ونازك الملائكة.
بمقدار ما المرأة مُلهِمةٌ ، هي أيضا مُلهَمة، و المجتمع بلا شاعرات هو مجتمع ينتمي للخريف.
آه يا أمَّ جندب.. كلما تذكرتكِ جاش الفؤاد بهذين البيتين:
خليليَّ مُرَّا بي على (أمِّ جُندبِ)
نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفُؤادِ المُعذَّبِ
ألمْ تَرَيَاني كلما جئتُ طارقاً
وجدتُ بها طيبًا وإن لم تَطَيَّبِ ؟
في دارة جلجل:
أريد أن أحدّثكم عن يوم (الغدير).. وما أدراكم ما يوم الغدير!!
هل سمعتم بالفضائح الخضراء ؟!
لقد حَدَثَتْ في ذلك اليوم فضيحتي الأكثر خُضرةً بين فضائح الشعراء.
كان المكان (دارة جلجل)، ولم أعلم هل كان ماءُ الغدير أصفى، أم أجسادُ العذارى؟!
عندما زارني (الأصمعي) في قبَّة الخلود، عتبتُ عليه بشدَّة لاتِّهامه إيَّاي بانتحالِ شعرِ الفتيان الذين صحبوني. لو كان كذلك، لما استطاعت شهرتي أن تُخمل ذكرَهم أَبَدَ الدهر ويبقى ذكري خالدا.
أخيرً، اعتذر لي (الأصمعي) عن تلك التُّهمة، وطلب مني أن أغرِّد باعتذاره على مسامع الأجيال.
لقد طمحَ (الطمَّاحُ) من بعد أرضِهِ
ليُلبِسَني من دائهِ ما تلبَّسا
فلو أنَّها نفسٌ تموتُ سَوِيَّةً
ولكنَّها نفسٌ تساقطُ أَنفُسا!!
آآآآه!!
هل تشعرون بفجيعة النفس التي تموت بالتقسيط ؟
أجاركم الله من هذا العذاب
في دارة جلجل :
لم أشأ أن أوقع الصبايا في فخّ المكيدة ولكنّ الجمال حرّضني على ذلك.
وهذا أنا أحمل الغدير وصباياه وماءه الصافي في قصيدتي وأجوس من خلال العصور.
قفوا معي على أطلالكم وابكوا أيها البشر.. ابكوا على أطلال الإنسانية التي باتت رسومًا باليةً أحقَّ بالبكاء من رسوم الأحبة:
أَلَا عِمْ صباحًا أيها الطللُ البالي
وهلْ يَعِمَنْ مَنْ كان في العُصُرِ، الخالي؟
هيهات! هيهات!
وإنّ شفائي عَبْرَةٌ مُهَراقَةٌ
فهل عند رسمٍ دارسٍ من مُعَوَّلِ؟
كدأبكَ من أمّ الْحُوَيْرِثِ قبلها
وجارتِها أمّ الرَّبابِ بِمَأسَلِ
توهّمتُ أن البكاء على الأطلال هو شفاء من علّة الفراق، ولكن الأطلال لا يُعوَّل عليها. وبقي حظي من كل حبيباتي حظا واحدا ملؤه المعاناة والألم والهجر.
@TarfaIbnAlabd
@Ahmshehri
@naifco
تالله وبالله إنني لأُفضِّل حصاني العربي الذي ربَّيتُهُ صغيرا واصطدتُ به الأوابد وخضتُ به الحروب ورافقته في الحلّ والسفر.. إني لأُفضِّله على كل أنواع مركباتكم التي ليس لكم منها سوى قيادتها.. تبًّا لعصركم!
#ليالي_عكاظ تحت خيمة عكاظ ترعرعت لغتنا العربية وتطوّر الشعر وازدهر نشاطنا الأدبي عبر المعاكظة بين الشعراء. وعلى صخرة عكاظ حطّمنا رؤوس الخلافات وتوحّدنا في القيم الإنسانية، وتركنا القصائد تتحدث عن كل ذلك بين القبائل.
آآآآه يا أمَّ جندب.. كلما تذكرتكِ جاش الفؤاد بهذين البيتين:
خليليَّ مُرَّا بي على (أمِّ جُندبِ)
نُقَضِّ لُبَانَاتِ الفُؤادِ المُعذَّبِ
ألمْ تَرَيَاني كلما جئتُ طارقاً
وجدتُ بها طيبًا وإن لم تَطَيَّبِ ؟
هل قرأتم أرقَّ وأعذبَ من هذين البيتين ؟
لقد حدّثتني نازك الملائكة أنها قامت بمغامرة خطيرة في الشعر العربي وكسرتْ نظام الشطرين، وأسَّست لما عُرف بالشعر الحر الذي يمنح حرية أكبر من نموذجنا النمطي القديم. فقال لها والدها الشاعر صادق الملائكة مستهجنا هذا العمل:
لكلِّ جديدٍ لذَّةٌ غير أنني
وجدتُ لذيذَ (الموت) غير لذيذِ
في طريقي إلى أرض الروم، تذكَّر رفيقي (عمرو بن قميئة) حديثا دار بينه وبين ابنته فبكى، فقلت:
بكى صاحبي لمَّا رأى الدربَ دُونَهُ
وأيقنَ أنَّا لاحقان بقيصرا
فقلتُ لهُ لا تبكِ عينُكَ إنَّما
نحاولُ مُلْكًا أو نموت فنُعذَرا
في القبة، قرأ لنا النابغة مطلع معلقته:
يا دار ميّةَ بالعلياء فالسّندِ
أقوت وطال عليها سالفُ الأبدِ
فانفجر أبو نواس ضاحكا،وأخبرنا أنه عارضها ساخرا:
عاج الشقيّ على دارٍ يُسائِلُها
وعُجتُ أسأل عن خمَّارَة ِ البلدِ
يبكي على طلل الماضين من أسَدٍ..
ٍلا درّ درّكَ قلْ لي من بنو أسد؟
أيها الأحفاد المبدعون
أنا امرؤ القيس جدُّكم الأكبر الذي ما زالت مواقدُ أشعاره تُدفئ لياليكم الحالمة منذ عشرات القرون.
أجمل التحايا أبعثها إليكم مني ومن جميع الشعراء المقيمين معي في قبَّة الخلود، وأتمنى منكم أن تستعدوا جيِّدا للمسابقة التي سوف أطرحها عليكم بعد قليل.
نما إليَّ وأنا في مكاني بقبَّة الخلود أنكم بدأتم تعقدون مهرجان (سوق عكاظ) من جديد، وقد أثلج صدري هذا الخبر الجميل. لذلك، قرَّرت أن أطلّ ��ليكم من شاشة الغيب، وأتابع كل ندواتكم وأمسياتكم وأصبوحاتكم، آملا أن تكون روحي حاضرةً ترفرف على هذا المهرجان.
عندما وصلني نعيُ أبي مع أحد ��جاله، كنتُ ألعب النرد مع أحد أصدقائي، فلم ألتفت للناعي الذي كرَّر كلامه:
- أبوك الملك حجر قُتل
توقّف صديقي عن اللعب من فرط الذهول، فقلت له: أكمل اللعب فالدور دورك.
فلعبنا حتى انتهى الدور
كنت أعلم أنها ستكون اللعبة الأخيرة في حياتي فلم أشأ أن أفسدها.
بغضّ النظر عن غرض القصيدة، كانت مقدّمات قصائدنا طلليّة حيث نَصِفُ فيها المكان الذي غادرناه بحثا عن الماء والكلأ، كما نصفُ حبيباتنا، وصباباتنا التي عشناها هناك
قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ وعرفانِ
ورسمٍ عفتْ آياتُهُ منذ أزمانِ
أتتْ حججٌ بعدي عليها فأصبحتْ
كخطِّ زبورٍ في مصاحفِ رهبانِ
عندما بلغني خبر مقتل والدي، شعرتُ بألمٍ شديدٍ انفجر في رأسي، فشربتُ سبعاً. ولما صحوتُ، أقسمتُ ألا آكل لحماً، ولا أشرب خمراً، ولا أدهن بدهن، ولا أصيب امرأة حتى أدرك بثأري. ولو سألتموني:
أيُّ هذه الأمور التي حرَّمتَها على نفسكَ كان الأقسى؟
أصارحكم بأنه (أنْ لا أصيب امرأة)!
عِمتُمْ بياضًا أيها (المتابعون) الذين شرَّعوا أفواههم أمام نهر قصائدي الممتد في مجرى الزمن إلى العهد الأول من الشعر العربي. أحيِّيكم من مقعدي في قُبَّةِ الخلود، وإلى جواري كل الشعراء الذين علَّموكم كيف تغازلون حبيباتكم منذ كان الغزلُ أجملَ الطُّرُق التي تقود إلى القلوب.
@soqokaz
أجيبوني أيها الأحفاد. .هل كتب أحد من الشعراء الذين تناسلوا من سلالتي ما هو أرقّ من قولي:
أفاطمُ مهلًا. .بعض هذا التدللِ
وإن كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجملي
أغرَّكِ مني أنّ حبكِ قاتلي
وأنكِ مهما تأمري القلب يفعلِ
لا تبحثوا عن حقيقتي في التاريخ. هناك جانب أسطوري فيما كتبه المؤرخون عني، فلا تبحثوا عن الحقيقة.. فقط استمتعوا بما تقرأون، واستفيدوا ما سنحت لكم الفائدة، فالتاريخ بكل شخصياته للعِبرة وليس للتناحر على صحَّته من عدمها.. أحييكم من قبَّة الخلود.
@rajeh_90
@TaifSeason
@soqokaz
يسعدني أنا (امرؤ القيس) أنْ أتولى الإجابة عن معنى كلمة باخع ، وأذكركم أنها وردتْ في كتابكم المقدس كما نما إليَّ (فلعلك باخع نفسك). .أي لعلك قاتل نفسك من فرط الهم والحزن والغم.
في تشبيهٍ لم يسبقني إليه شاعر، قلتُ واصفا عيون البقر الوحشي والظباء التي قتلناها لنأكلها في رحلة صيد:
كأنَّ عيونَ الوحش حول خبائِنا
وأرحلِنا.. الجَزْعُ الذي لم يُثَقَّبِ
الجزع هو الخرز يطغى عليه سوادٌ وبياض..
لكم أن تقارنوا بين الخرز وعيون البقر الوحشي والظباء وهي ميّتة!
@soqokaz
وأكثر أبيات هذه المعلقة ظلاما :
وليلٍ كموج البحر أرخى سدوله
عليّ بأنواع الهمومِ ليبتلي
فقلتُ له لمّا تمطّى بصُلبه
وأردف أعجازًا وناءَ بكلكلِ
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ
بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثلِ
يرجع تاريخ ميلادي إلى عام 500 ميلادية،
وقد وُلِدَ معي الشعرُ على سرير واحد. فما إنْ تفتَّحت حواسِّي على الحياة حتى تفتَّحت معها موهبتي الشعرية التي قادتني إلى منزلقات اللغة ومغامراتي مع الجمال وغراميَّات أيام الصبا والشباب.
معلقتي هي أعظمُ إرث ورثتموه من شعر القدماء؛ هي فاتحة الشعر العربي وعماد الأدب ومثاله الأعلى الذي يُحتذى به. كلما ازداد المنقبون بحثا في مناجمها، اكتشفوا مزيدا من الجواهر والذهب، فلا يكاد ينفد ما فيها من أشكال الحسن والجمال.
لا تُهملوا معلقتي فتفشل لُغَتُكُمْ وتذهب ريحُ الكلمات.
ويوم دخلتُ الخدرَ خدرَ عُنيزةٍ
فقالتْ: لكَ الويلاتُ إنكَ مُرجِلي
تقولُ وقد مال الغبيطُ بنا معًا:
عقرتَ بعيري يا امرأَ القيس فانزلِ
فقلتُ لها: سيري وأَرخي زمامَهُ
ولا تُبعديني عن جناكِ المعلّلِ
آآآآه يا عنيزة! ! كيف لي أن أنسى هذه الحادثة!
تعوَّدنا في متاهات صعلكتنا بين البراري والقفار أن نمارس الشواء، وكنا نستخدم أعراف الخيول مناديل لنمسح الأيادي ؟!
وقد عبّرت عن ذلك :
نَمُشُّ بأعرافِ الجياد أكفَّنا
إذا نحن قُمنا عن شواءٍ مُضَهَّبِ
المضهّب من الشواء هو الذي لم ينضج.
آه على تلك الطَفلة اللعوب. .لا تكاد تغادر ذاكرتي إلا إلى القلب
ومِثلُكِ بيضاء العوارض طَفلَةٌ
لعوبٌ، تُنَسِّيني إذا قمتُ سربالي
إذا ما اسْتَحَمَّتْ كان فيضُ حميمِها
على مَتنَتَيْهَا كالجُمان لدى الجالي
لطيفةُ طَيِّ الكشحِ غير مُفاضَةٍ
إذا انْفَتَلَتْ مُرتَجَّةً غير مِتفالِ
نما إلى علمي وأنا في غرفتي داخل قبة الخلود أنكم تتخذون حصاني هُزُوًا بينكم من خلال وصفي له :
مِكرّ مِفرّ مقبل مدبر معًا
كجلمود صخرٍ حطّه السيلُ من علِ
الحصان رمز عزتكم فإن انحنى رأسه، انحنى رأس العرب.
@AntarIbnShadad
في الشطر الأول من مطلعك هذا، تزعم يا ابن شداد أن الشعراء لم يغادروا مكانا لم يقفوا عليه، ثمّ سرعان ما تنقلب على زعمك هذا وتقف أنت متسائلا عن دار عبلة؛ هكذا تتناقض مع نفسك في بيت واحد وكأن العجز يرتدّ على الصدر ويمحقه.
يا ابن العم، لا تقارن بين المطلعَين رعاك الله.
@BadrFAlSaud
يليق بك هذا التكريم يا (أبا بصير) فها هي قصائدك تجوس خلال العصور وتملأ أسماع الأزمان دويًّا، فلا أجدبتْ أرضُ الجزيرة العربية التي أنجبتك !
نشأتُ على ما ينشأ عليه أبناء الملوك من الفروسية والشجاعة والنجدة، ولكنَّني سأعترف صادقا أنني كنتُ أميرَ الكأس والغزل، مولعا بمفاكهة النساء، عاشقا للهو معهن، مشبِّبا بهن، وهذا ما دفعني لقول الكثير من الشعر الذي أسعد الأجيال من بعدي. أليس في إسعادكم غفرانٌ لي عن ذلك العبث ؟!
كانت رحلتي شاقة من الجزيرة إلى الشام، ثم تركيا وبيزنطة للاستعانة بقيصر الروم في الأخذ بثأر أبي، ولكنْ ما كان أكثر مشقَّة عليَّ من الرحلة هو استعانتي بالقيصر الأجنبي ضد قبيلة عربية وإنْ كانت قد قتلتْ أبي.
لا تكرروها يا أحفادي مهما حدث بينكم.
تابعوا نتائج #جائزة_امرئ_القيس_للإلقاء
يسرُّني أن أزفّ إليكم نتائج مسابقتي للإلقاء الشعري، مع باقة من التهاني للفائزين، متمنيا حظًّا أوفر لمن لم يحالفهم الحظ.
#جوائز_شعراء_عكاظ
@n80____
كنَّا نعيش في الصحارى القاحلة وانفجر الشعر على أيدينا مثل نهر في قلب الصحراء.. كانت لنا الصدارة والريادة في كتابة أجمل القصائد في ذلك العصر فكان تكريمنا أنْ حلّّت قصائدُنا محلّ القداسة في ذلك الزمن.
@abc22s
أتمنى عليكم يا ركبان قافلتي أن تعودوا إلى الكتب وتقرأوا بعمق. دعوا عنكم القراءة المترفة واضربوا سيرا في بيداء المعرفة بحثا عما تريدون.. اتركوا الاتكال على غير أذهانكم وعقولكم التي تبحث عن وظيفة، فلا تدعوها عاطلة عن العمل.
تسعدونني يا أحفادي حينما تحاولون تحليل شخصيتي كي تعرفوا عني أكثر مما أعرفه عن نفسي؛ تسعدونني للأسباب التالية:
أولا؛ أنا إنسان، والإنسان كتلة من العُقد والأسرار والتناقضات التي لا يدركها عن نفسه
ثانيا؛ أنا شاعر، والشاعر كتابٌ يحتمل عدَّة قراءات
ثالثا؛ ذكراي ما زالت تعيش بينكم
لقد سرقني من جاء بعدي وقال:
ثُمّتَ قمنا إلى جُردٍ مسوَّمةٍ
أعـرافـُهـُنَّ لأيدينا مناديلُ
وقد قلتُ من قبل:
نمشّ بأطراف الجياد أكفّنا
إذا نحن قمنا عن شـواءٍ مهضَّبِ
هل تعرفون هذا السارق ؟
ما رأيكم يا أحفادي الرائعين: لو امتثل (ربيعة) إلى أمر أبي وذبحني، ألم يكن قد حرمَ الأجيالَ من شاعرٍ طرَّز الليالي بنجومٍ أبديةٍ، لا ينطفئ لها شعاع ؟!
لو فعلها (ربيعة)، ما كنتم لتقرأوا:
أفاطمُ مهلًا! بعضَ هذا التدللِ
وإن كنتِ قد أزمعتِ صرمي فأجملي
كان شعري عفوياً في التعبير عن خطرات قلبي ومكابداتي، ينساب بأنسام البوادي، ويتَّسم بصدق التعبير، وبساطة الأخيلة والتشبيهات بالرغم من الألفاظ التي ترونها غريبة، فقد جاءت تلك التشبيهات من البيئة المحيطة بي وكانت مفهومة في عصري. جمعتُ رقَّة الغزل وجزالة الفخر وفخامة الأنا الذاتية.
شتَّان بين تصوير الخيال وبين تصوير الحال. فماذا تعتقدون أنني أصوِّره هنا: الخيال أم الحال؟
ويوم دخلتُ الخدر خدر عنيزةٍ
فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً
عقرتَ بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ
ولا تُبعديني من جناكِ المعلَّلِ
أحد أعظم أبياتي الذي قلته وساح في الأزمان والأذهان إلى درجة أنَّ الشطر الثاني منه أصبح مضربَ مثلٍ بين الناس دون أن يعرفوا قائله.. فهو هذا البيت الذي يعبِّر عن الخيبة التي أحدقتْ بي من كل الجهات مثل ذئبةٍ مسعورة:
وقد طَوَّفتُ في الآفاقِ حتى
رضيتُ من الغنيمةِ بالإيابِ
خبرٌ عاجل من قُبّة الخلود:
أحفادي الأعزاء
يسعدني أن أخبركم أنَّ إعلان نتائج مسابقتي (جائزة امرئ القيس للإلقاء) قريبٌ جدا، فقد انتهت لجنة التحكيم من تحديد أسماء الفائزين. كما أنني سوف أعلن أسماء الشعراء الرفاق في قبَّة الخلود، والذين قاموا بتحكيم هذه المسابقة.
أدخلتُ الشعر إلى مخادع النساء، وعاشرتُ الصعاليك، وعاقرتُ الخمر، ووقعتُ في حبائل الحب وفخاخ اللهو.. ولا أعلم كيف تناسيتُ كل ذلك عندما جاءني خبر مقتل أبي فانطلقت للأخذ بالثأر له، خالعًا من داخلي ذلك الشاعر الصعلوك العاشق الرقيق الماجن المعاقر للخمر والنساء.
اللعنة على عادة الثأر!
لستُ في حاجة لأن أتهيَّأ وأستعدّ إلى نزال أحد.. فأنا في استعدادٍ من ذاتي لكلّ نزال. هكذا عبّرت عن هذا المعنى :
أقْصِرْ إلَيْكَ مِنَ الوَعِيدِ فَإنّني
مِمّا أُلاقي لا أشُدّ حِزَامي
لم أعش طويلا يا أحفادي إذا ما كان الوجود الجسدي هو مقياس العمر، ولكنني من خلال تجاربي في المغامرات العاطفية والترحال والحروب، ضاعفتُ عمري أضعافا. وأما الشعر فهو الطريق الذي سلكته للوصول إليكم عابرا كل هذه القرون.
كأني غداة البين يوم تحمّلوا
لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ