#فرية_صفوية_على #صلاح_الدين تزعم هذه الفرية ان صلاح الدين تنازل عن سواحل الشام للصليبيين وتتهمه بالخيانة. ومن أبرز من جاء بهذه الفرية الرافضي اللبناني حسن الأمين في كتاب كتبه عن صلاح الدين بعنوان " صلاح الدين بين العباسيين والفاطميين والصليبيين " وشحنه بالمفتريات والأكاذيب والأباطيل الداحضة ، وقد رد عليه الأستاذ الدكتور شاكر مصطفى في كتاب بعنوان " صلاح الدين الأيوبي الفارس المجاهد والملك الزاهد المفترى عليه". وكتاب الدكتور شاكر مصطفى ضعف حجم كتاب حسن الامين. والحق : أن صلاح الدين لم يسلم أبداً اي مدينة ساحلية من بلاد الشام للصليبيين ، فقد فتح بعد معركة حطين أكثر من ٨٠ مدينة وبلدة وقلعة وحصن وما يتبعها من مساحات تزيد عن ضعف مساحة فلسطين التي يحتلها الصهاينة حالياً ، وبقيت ثلاث مدن كبرى لم يفتحها وهي أنطاكية وطرابلس وصور. والسبب في عدم فتحها : هو وصول جيوش الحملة الصليبية الثالثة إلى الشام ، وكانت أعداد المحاربين في تلك الحملة تزيد عن جيش صلاح الدين بأكثر من عشرة أضعاف جيش صلاح الدين وهذا ما اعترفت به المصادر الغربية ، واشتركت في تلك الحملة أوروبا بأكملها وعلى رأسها امبراطور ألمانيا فردريك بربروسا ( والتي كانوا يطلقون عليها اسم : الأمبراطورية الرومانية المقدسة )، وملك فرنسا فيليب أغسطس ، وملك انجلترا ريتشارد قلب الأسد.. وكان ملك النورمان روجر الثاني في إيطاليا وصقلية قد ارسل - قبل وصول الحملة - اسطول النورمان القوي بقيادة مارجريتوس البرنديزي فزود أنطاكية وطرابلس بالرجال والمؤن والعتاد ، الأمر الذي مكنها من الصمود في وجه صلاح الدين. ولم يبق بلد في أوربا لم يشترك في تلك الحملة الصليبية الهائلة ضد صلاح الدين. في حين كان صلاح الدين في الميدان وحده ، ولم يكن يملك من موارد ومقدرات عالم الإسلام إلا نسبة قليلة. فملك سلاجقة الروم في آسيا الصغرى قلج أرسلان الثاني لم يساعده البتة ، بل كان صديقاً وحليفاً لامبراطور ألمانيا فردريك بربروسا. وتكش الخوارزمي سلطان الدولة الخوارزمية كان يملك معظم مشرق العالم الإسلامي ، من حدود العراق إلى حدود الصين ، ولم يساعد صلاح الدين بشيء. وابن عبدالمؤمن ملك الموحدين في المغرب والأندلس لم يساعد صلاح الدين رغم ان صلاح طلب منه النجدة وقال في رسالته له (... كيف ينجد غرب الكفر شرق الكفر ولا ينجد غرب الإسلام شرق الإسلام ؟؟؟؟ ) ، فلم ينجده بشيء. ووقف صلاح الدين يناضل تلك الحملة عدة سنوات وتحمّل فوق طاقته وموارده وامكانته. ثم احتلت تلك الحملة الكثيفة عكا بالقوة القاهرة بعد حصار طويل وقتال عسير دام حول عكا مدة ٦٨٥ يوماً ، وبلغ من شدة القتال حول عكا درجة صعبة حتى أن مؤرخاً غربياً هو هارولد لامب شبهها بمعارك واترلو في أوروبا في العصر الحديث ، ثم احتل الصليبيون يافا بقيادة ريتشارد قلب الأسد. ورغم ذلك فقد احتفظ صلاح الدين ببعض مدن الساحل الشامي مثل بيروت وصيدا. فما كان بيد الصليبيين إنما هي تلك المدن الثلاث : أنطاكية وطرابلس وصور التي دعمها اسطول النورمان قبل وصول الحملة الثالثة. وأما عكا ويافا فقد احتلتها الحملة الصليبية الثالثة بالقوة ولم يسلمها صلاح الدين للصليبيين. وقد احتفظ صلاح الدين بالقدس وتحصن بها وأقسم أن يدافع عنها حتى الموت. واخيراً - بعد مفاوضات - تم توقيع صلح الرملة بين صلاح الدين وبين ريتشارد قلب الأسد ( الذي اصبح القائد العام للحملة الصليبية ) وهو هدنة مؤقتة مدتها ثلاث سنوات وثلاثة أشهر وليست صلحاً دائماً كما يصورها المغرضون. واحتفظ صلاح الدين بموجب الصلح بمدينة القدس ولم يفرط فيها. وكان هدفه من الهدنة استغلال فترة الهدنة لتقوية الجبهة الإسلامية المتحدة ، وبذلك فشلت الحملة الصليبية الثالثة في هدفها الرئيس وهو استرداد القدس ، ولكنها نجحت جزئياً في احتلال جزء من سواحل الشام بالقوة الكاسحة. وكان صلاح الدين يريد استغلال الهدنة للإستيلاء على آسيا الصغرى وضمها للجبهة الإسلامية المتحدة وكذلك الإستيلاء على بلاد العجم ( إيران ) للتزود بمواردها في جهاد الصليبيين ومحو بقية الإمارات الصليبية بعد نهاية الهدنة وهذا الهدف صرّح به صلاح الدين لأخيه العادل ولإبنه الأفضل وسجل ابن شداد هذا الهدف لصلاح الدين في تاريخه عن صلاح الدين ، ولكن القدر لم يمهله فتوفي بعد صلح الرملة ببضعة اشهر وهو في السادسة الخمسين من عمره ، ولاتزال نفسه تجيش بالأمال والطوحات. ومن يكرر مثل هذه التهمة فليقابلني في مناظرة عامة حتى أكشف جهله وتحامله وحقده على صلاح الدين. كتبه. أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي.